أحيانًا يصبح من الضروري والجيد، اتباع روتين منظم في الحياة، لتفادي الدخول في الفوضى، ففي الحياة أناسٌ منظمون، وآخرون فوضويون، سواء كان في المنزل أو في مكان العمل، أو في اللقاءات مع الآخرين، هذا ينطبق على الحياة الزوجية أيضًا، فهناك أزواج يتبعون روتينًا في الحياة الزوجية بقصد التنظيم، ولكن هذا الروتين الدائم يمكن أن يؤدي إلى الملل، وبحسب دراسة برازيلية عن ظاهرة الملل في الزواج، فإن هناك خيطًا رفيعًا بين الروتين والملل، فإلى أي مدى يمكننا تلافي هذا الخيط ؟.
الروتين يتحول إلى ملل
الدراسة نشرها قسم العلوم الاجتماعية التابع لجامعة فورتاليزا البرازيلية في ولاية سيارا، وهي أن «الملل الزواجي» يأتي في المرتبة الثانية بعد الخيانة الزوجية، كسبب في وقوع الطلاق بين الأزواج، وأكدت أن أخطر ما في العلاقة الزوجية، هو تحول الروتين الصحي إلى ملل بالنسبة للزوج أو الزوجة.
وقالت الدراسة -التي أعدها فريق من المتخصصين في العلوم الاجتماعية- إن الروتين الدائم غير المتجدد، قد يتحول إلى ملل، ولكن العكس غير صحيح، فالملل هو الملل، ولا حاجة به إلى تعريف، أما الروتين فهو مجموعة القواعد، التي يتفق الزوجان على اتباعها، بقصد تنظيم أمور الحياة، بما في ذلك تفاصيل وسير العلاقة الزوجية، لتفادي سوء التفاهم والفوضى.
الروتين الصحي والمرضي!
تابعت الدراسة قائلة إن الروتين الصحي -الذي أساسه سلسلة من التفاهمات بين الزوج والزوجة- هو ما يبتكر الجو المنظم في العلاقة الزوجية، أما الروتين المرضي، فهو الذي يتحول إلى الملل، والروتين المرضي -بحسب الدراسة- هو جملة من العادات التي يتبعها الزوجان، بشكل متشدد وعنيد، تجعل أحد الأطراف يشعر، وكأنه ملزمٌ باتباع أمور وقواعد معينة، بغض النظر عما إذا كان يحبها أم لا، وهناك أمثلة كثيرة على الروتين المرضي، الذي يتحول مع مرور الزمن إلى ملل قاتل، يجعل الشريك يلعن الساعة التي تزوج فيها من الآخر!
فهناك أزواج يُصرّون -على سبيل المثال وليس الحصر- على تناول وجبات الطعام في أوقات محددة دائمًا، وأي كسر لهذا الروتين، يجلب العصبية لأحدهما أو كليهما.
القواعد الإلزامية!
وأضافت الدراسة، أن الروتين الإجباري هو الذي يتحول إلى حالة مَرضية، تُفسد العلاقة الزوجية، والروتين الإجباري هو جملة العادات غير المحببة التي يُصر الزوج أو الزوجة على اتباعها، دون التفكير في عواقبها، فما من أحد يحب أن يجبر على القيام بشيء لا يحبه! تصوروا مثلًا زوجًا يُجبر زوجته على ارتداء ثياب ذات لون أحمر فقط، طوال الوقت! وتصوروا زوجة تُجبر زوجها على الذهاب معها للتسوق كل مرة تقرر فيها الذهاب! والنتيجة المتوقعة لمثل هذه التصرفات، هو الشعور بالإكراه،
الروتين الصحي
وبحسب الدراسة، فإن الروتين الصحي، هو جملة القواعد المبنية على التفاهم بين الزوجين، وإن كانت ليست ثابتة، لأنها إذا أصبحت كذلك، سوف تتحول إلى روتين إجباري، يقود إلى الملل دون شك، فالقواعد الثابتة ليست محببة في العلاقة الزوجية، لأنها تحدّ من هامش الحرية الشخصية، وتقوي الشعور بأن الشخص مجبرٌ على اتباعها، شاء أم أبى، وإذا كانت القوانين نفسها في أي دولة، قابلة للتغيير، من حين لآخر، بحسب متطلبات الحياة، فلماذا لا تتغير قواعد الحياة الزوجية، لمواكبة المشاعر التي تتطور -كما تتطور الأمور في الدول والمجتمعات بشكل عام- لمواكبة تطور الحياة العصرية؟
الروتين والطلاق!
وأضافت الدراسة أن ما كان روتينًا صحيًا في بداية الزواج، يمكن أن يتحول إلى روتين مرضي ممل، إذا افتقرت العلاقة الزوجية لمبادرات التجديد في اتجاه الأفضل.
وبعدما استندت الدراسة إلى آراء بعض الأزواج، ثبت أن الملل يأتي في المرتبة الثانية بعد الخيانة الزوجية، من حيثُ كثرة حالات الطلاق في العالم، وقال الكثيرون إن الملل يفتك بالحب، ويجعله هشًا، وإذا اختفى الحب، فإن العلاقة الزوجية، تصبح عبارة عن روتين مَرَضي لا يدوم طويلًا، حتى يُتوفَى، وتتوفى معه العلاقة الزوجية!
ابتعدا عن بعضكما!
الاختصاصية الاجتماعية «مارسيا نافارو» -36 عامًا- قالت تعقيبًا على الدراسة إن الروتين بأنواعه الصحية والمرضية، بحاجة إلى التجديد؛ لتجنب الملل، وأكدت أن الغالبية العظمى من الناس، لا يُحبّون الملل في أي شيء، فما بالك في العلاقة الزوجية الأبدية؟ وتابعت: «مع الأسف، فإن صعوبة الحياة، تفرض أحيانًا جو الملل على العلاقة الزوجية، فالعمل لساعات طوال، وبشكل مستمر، والافتقار لقضاء أوقات ممتعة، يُوقع العلاقة الزوجية بين براثن الملل»، ونصحت «مارسيا» الأزواج، بالابتعاد عن بعضهما البعض، بين الحين والآخر، للشعور بالشوق والاستعداد للتجديد، لتغيير نمط ممل، كان يسيطر على العلاقة بينهما، وبحصول ذلك، فإن اللقاء القادم سيتم بروح متجددة.
للتغيير المستمر، تقدم لك مدربة الحياة والمستشارة في تطوير الذات والتنمية البشرية، «هيفاء الدريعي» عدة نصائح، كي تتغلبي على الملل الزوجي:
< غيّري وجددي دائمًا في بيتكما وحياتكما، باستخدام مثلث الإبداع: (متى؟ وأين؟ وكيف؟)، فمثلًا: متى نُفطر؟ اختاري وقتًا مبكرًا جدًا لذلك، وأين؟ بدلًا من الفطور في الصالة، اجعليه في حديقة المنزل، حيثُ الهواء النقي والطبيعة الخلابة، وكيف؟ بأن يكون الفطور يومًا شرقيًا، ويومًا غربيًا، أو فطورًا تقليديًا، وهكذا في كل أمور حياتكما الزوجية.
< اقلبي الروتين إلى عادة إيجابية وجميلة، مثلًا: تعوَّدي ـ عند النوم ـ أن تقولي له «تصبح على خير»، فإن هذه العادة ـ لو كنتما مثلًا ـ سوف تجعلكما تتصالحان، أو يمكنكِ النظر إلى عينيه ، أو عادة استقباله عند الباب لدى حضوره إلى البيت، فمهما كانت حالته النفسية، متضايقًا أو مضغوطًا من كثرة العمل، فإنّ استقبالكِ له، سيدخل البهجة على قلبه.
< كوني زوجة تبعث الأمل والأحلام في الحياة، فكلما كان متضايقًا أو مهمومًا، من العمل أو من أمور الحياة، شاركيه وخففي عنه بتفاؤل وأمل.
< حاوريه الحوار المبني على التفاهم والإصغاء، وتعودي أن تحلي أي مشكلة تظهر لكما، حتى لا تتراكم ملفات حياتكما، ويصاب الإنسان بالعجز، ويتخذ الصمت، ويلزمه، مما يقود في النهاية إلى الملل من الحياة الزوجية، وكوني امرأة ممتعة في حديثها، وطريفة، واروي له قصصًا تهمه في عمله، أو مما يحدث في أمور الحياة والأبناء وأموركما الشخصية.
< جددي من ذاتكِ، وتعلمي إحداث التغيير الداخلي فيها وطوّريها، ونمي شخصيتكِ، فالرجل لن يشعر بما أحدثتِ من تغيير شكلي، لأنّ ما يهمه في الأصل، أنتِ، ولذا فإنه يبحث عنكِ في هذا التغيير.
< املئي بنك العلاقات، باللحظات الحميمية المعطاءة، والمواقف الإيجابية، كأن يكون لكما نزهاتكما الجميلة، وسفرياتكما الممتعة، أو حتى عشاء خارج المنزل، وفائدة هذا البنك، أنه كلما دخل الملل، استشعر الإنسان هذه اللحظات، فبثت فيه الحيوية والسعادة وأذابت الجليد من حياته الزوجية.
< خصصي وقتًا لكما، بعيدًا عن الأبناء، وتفرّغي فيه لزوجكِ.
< سافرا معًا خلال السنة، فهذا يُنشّط ويجدد العلاقات.
< كوني غامضة بعض الشيء: حتى تحافظي على درجة مغناطيسكِ 100%، وتجذبينه إليكِ.
< احترام الحرية الشخصية: اجعلي له وقتًا يقضيه خارج المنزل، وخصصي وقتًا لكِ أيضًا، فقضاء بعض الوقت، وأنتما بعيدان عن بعضكما، يجدد الاشتياق في الحياة الزوجية.
< إحياء القيم الدينية، فمثلًا: في معنى الزواج، لو اتخذنا القيم التي حددها دينُنا، من مودة ورحمة وألفة، فهي قيم مُطلَقة، وكفيلة بأن تؤدي إلى السعادة الزوجية الدائمة